السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 20 ديسمبر 2014

قال وقلت ٥٣: لم يثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- توعد من حفظ القرآن ونسيه



قال: «لا أريد أن أحفظ القرآن؛ خشية أن أنساه، فأدخل في قوله تعالى: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا}.».
ويستدل ببعض الأحاديث الضعيفة.

قلت: لم يثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- توعد من حفظ القرآن ونسيه. 
لم يثبت في ذلك شيء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكل ما ورد هو أحاديث ضعيفة، والثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه رغب في حفظ القرآن الكريم، وحث عليه، وأمر بتعاهده، وأكد على ذلك. فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنْ الْإِبِلِ فِي عُقُلِهَا». (رواه البخاري ومسلم وغيرهما، واللفظ لمسلم)، 

فأمر بالتعاهد لهذا القرآن الكريم، وأدَّب -صلى الله عليه وسلم- من حفظ شيئاً من القرآن ونسيه أن لا يقول: «نسيت آية كذا وكذا»، وليقل: «أنسيت آية كذا وكذا»؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «بِئْسَمَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ سُورَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، أَوْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ؛ بَلْ هُوَ نُسِّيَ». (رواه البخاري ومسلم وغيرهما واللفظ لمسلم). 

فلو كان من نسي شيئاً من القرآن بعد حفظه له آثماً؛ لبين ذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولما اكتفى بقوله: «لا يقل نسيت، وليقل أُنسيت آية كذا وكذا»؛ فلا دليل شرعي ثابت في أن من حفظ شيئاً من القرآن ونسيه أنه يأثم أو أن عليه وزر. 
إنما من تهاون فيما حفظه، ولم يتعاهده؛ فقد فرط في خير كثير، وفضل عظيم يسره الله له.

والمراد بالنسيان في الآية: الإعراض، بمعنى: الجحود، والتكذيب، والتولي، وهو كفر أكبر. والإعراض على سبيل الفسق، والمعصية، والذنب. 

فإن قيل: وما معنى النسيان بالنسبة إلى -الله عز وجل-: {وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}؟

فالجواب: معناه بحسب الآية: أن تترك في العذاب، وهذا يبين أن معنى: {نسيتها} أي: تركت العمل بها، وكذا يكون الجزاء من جنس العمل؛ فكما تركت العمل بها؛ فالله يتركك في العذاب. فإن كنت من أهل المعاصي تترك في العذاب حتى توافق بالعذاب ما شاء الله -عز وجل- لك من العذاب: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}. (النساء: من الآية48)، فمن كان من أهل المعاصي والذنوب، وأراد الله عذابه فإنه يتركه في العذاب بقدر ما يوافي ذنوبه، ومن ترك العمل بشرع الله جحوداً وتكذيباً وتولياً فحصل فيه كفر التولي والإعراض، أو كفر الجحود، أو كفر التكذيب؛ فهذا يترك في النار خالداً مخلداً؛ لأنه أصبح من الكافرين الخارجين من الملة.

كشكول ٣٩٥: عدم فهم كلام العلماء من أسباب الخروج عن منهج أهل السنة والجماعة


عدم فهم كلام العلماء من أسباب الخروج عن منهج أهل السنة والجماعة.

من ذلك: 

أن الإمام محمد بن عبد الوهاب يقول: «الناقض الثامن: مظاهرة المشركين، ومعاونتهم على المسلمين. والدليل قوله -تعالى-: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}»اهـ.

فلم يفرق بعض الناس بين الموالاة (التي هي التعامل مع الكفار في الظاهر، وبين المظاهرة (التي هي بمعنى التولي). 

ولم يفرق بعضهم بين معاونة الكفار على قتال المسلمين التي لأجل الدنيا، وبين معاونتهم على قتال المسلمين؛ محبة للكفار. ونصرة لدينهم،

فالأولى: من الكبائر.

والثانية: كفر، وردة عن الإسلام. 

ويوضح لك المسألة:

- أن تعلم أن الموالاة معناها: المحبة، والنصرة. 

فمحبة الكافر ونصرته؛ لأجل الدنيا، كبيرة من الكبائر إذا اقترنت بمخالفة شرعية. 

ومحبته ونصرته؛ لدينه، كفر وردة.

- موالاة الكفار من أجل الدنيا إذا اقترنت بمخالفة شرعية حرام.

- وموالاتهم من أجل الدنيا إذا لم تقترن بمخالفة شرعية؛ 

تارة تكون مباحة، مثل: التعامل معهم بالبيع والشراء، وقد مات رسول الله ودرعه مرهونة عند يهودي. 

وقد تكون واجبة: كنصرة الوالدين الكافرين بما لا يخالف الشرع، ومحبة الزوجة الكتابية بحق الزوجية. 

وقد تكون مكروهة: وخلاف الأولى، كاستئجار الكفار مع وجود المسلم. 

ومثال موالاة الكفار؛ لأمر دنيوي، واقترن بمخالفة شرعية: كالتشبه بهم فيما هو من خصائصهم في أمور دنيوية، أو التجسس على المسلمين ونقل المعلومات عنهم إلى الكفار، فهذا من الكبائر.

- المظاهرة هي التولي. واستعمال الشيخ محمد بن عبدالوهاب لها؛ ليعين أنه يريد التولي الذي كفر وردة، وهو الذي يكون محبة من أجل الدين ونصرة من أجل الدين، لأن معنى الظهير من جعل نفسه ظهراً لهم، يحمل عنهم، ويتلقى عنهم، ويقوم مقامهم.

وعدول الشيخ إلى كلمة (مظاهرة) الكفار مع استدلاله بالآية التي فيها ذكر الموالاة؛ إشارة منه إلى أنه لا يريد مطلق موالاة، إنما يريد الموالاة التي هي كفر، التي تكون بمحبة ونصرة للكفار من أجل دينهم.

ومما تقدّم تعلم مدى دقته -رحمه الله- في العبارة عن هذا الناقض. 

وتعلم مقدار الخطأ في فهم كلامه عند من اعتبر أن مطلق موالاة عند الشيخ ناقضة. 


أو أن مطلق تعاون مع الكفار يكون ناقضاً مخرجاً من الدين. والله الموفق.

قال وقلت ٥٢: كيف أصير حكيماً؟


قال: «كيف أصير حكيماً؟». 

قلت: الحكمة: حصيلة:

- اتباع للأثر.
- واستفادة من تجارب البشر.
- وحلم وصبر؛

فإذا اجتمع ذلك فيك نطقت بالحكمة.

كشكول ٣٩٤: كيف يتورع عن تحمل مسؤولية الفتوى، ولا يتورع عن التأصيل العميق والخطير الذي يريد أن يحمل عليه أمة الإسلام؟!


يحيرني هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالدعاة، فتجد الواحد منهم يتورع عن الفتوى، ويقول: «أنا لا أفتي.»، ثم تراه يتجرأ ويؤصل في الإسلام أصلاً بفهمه يريد أن يجعله إطاراً لكل المسلمين... كيف يتورع عن تحمل مسؤولية الفتوى، ولا يتورع عن التأصيل العميق والخطير الذي يريد أن يحمل عليه أمة الإسلام؟!

كشكول ٣٩٣: من أصول البحث العلمي



من أصول البحث العلمي:

يتميز البحث العلمي في الإسلام أنه يقوم على أصول علمية؛ فهو يقوم على الاستدلال بالأدلة الشرعية من:
القرآن،
والسنة،
والإجماع،
والقياس.

بينما البحث العلمي في أوروبا يقوم على أساس التجربة والملاحظة، إذا ما كتبوا في المجالات الكونية؛ ولذلك يسمى علمهم هذا بالعلم التجريبي. 

وإذا ما كتبوا في أشياء بعيدة عن المختبرات؛ فإن استدلالهم بمشاهداتهم في الحياة، وبكلام من سبقهم في التأليف. فهم لا يرجعون إلى أصول معتمدة، والجانب الحسي هو الأصل عندهم. فتجده يقول: حدث كذا وكذا مع فلان، أو لي صديق حصل له كذا وكذا، فيورد قصصاً يبني عليها كلامه واستدلاله.


ولذلك تمتليء أبحاثهم وكتاباتهم بالتناقض والتفاوت، والتزوير للحقائق، إذ الأهواء غلابة!

كشكول ٣٩٢: الدعوة قائمة بيننا وبين أهل البدع


الدعوة قائمة بيننا وبين أهل البدع

ومقصود هجر أهل البدع هجر دعوتهم؛ من أجل إصلاحهم.

ومعاملة رؤوس البدع تختلف عن عوامهم؛


فاتق الله، ولا تكن ممن شالت موازينه!

كشكول ٣٩١: هل يجب التزام مذهب بعينه؟


هل يجب التزام مذهب بعينه؟

قال ابن تيمية -رحمه الله- كما في مختصر الفتاوى المصرية (ص: 555): 

«هل يجب على الشَّخْص أَن يلْتَزم مذهبًا بِعَيْنِه يَأْخُذ بِعَزَائِمِهِ ورخصه؟

فِيهِ نزاع فِي مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد.

وَجُمْهُور الْعلمَاء على أَنه لَا يجب على أحد أَن يُقَلّد شخصًا بِعَيْنِه، وَلَا يلْتَزم مذهبًا بِعَيْنِه فِيمَا يُوجِبهُ ويحرمه.

وَنهى الْعلمَاء عَن اتِّبَاع رخص الْمَذْهَب؛ لِأَن هَذَا يَعْنِي يقْضِي إِلَى الانحلال؛

وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب؛ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَنْزِيل الشَّخْص الْوَاحِد الْمعِين منزلَة رَسُول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- وَذَلِكَ غير جَائِز.


لَكِن من عجز عَن الِاجْتِهَاد جَازَ لَهُ التَّقْلِيد»اهـ.

كشكول ٣٩٠: هل يجب تقليد أعلم المفتين؟


هل يجب تقليد أعلم المفتين؟

قال ابن تيمية -رحمه الله- كما في مختصر الفتاوى المصرية (ص: 555): 
«هل يجب عَلَيْهِ فِي أَعْيَان الْمُفْتِينَ فيقلد أعلمهم وأدينهم، أم يُقَلّد من شَاءَ؟
على قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَب أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا.

وَالِاجْتِهَاد يقبل التجزئة والانقسام، 

بل قد يكون الرجل مُجْتَهدًا فِي مَسْأَلَة، أَو صنف من الْعلم، وَيكون غير مُجْتَهد فِي مَسْأَلَة، أَو صنف آخر.

بل أَكثر من عِنْده تَمْيِيز من المتوسطين إِذا نظر فِي مسَائِل النزاع، وَتَأمل مَا اسْتدلَّ بِهِ الْفَرِيقَانِ بتأمل حسن، وَنظر تَامّ؛ ترجح عِنْده أحد الْقَوْلَيْنِ، وَلَكِن قد يشق عَلَيْهِ الِاكْتِفَاء بنظره؛ فَالْوَاجِب على مثل هَذَا أَن يتبع قولاً تَرَجّح عِنْده من غير دَعْوَى مِنْهُ للِاجْتِهَاد، بل هُوَ بِمَنْزِلَة الْمُجْتَهد فِي أَعْيَان المفتيين وَالْأَئِمَّة، وَإِذا ترجح عِنْده أَن أحدهم أعلم قَلّدهُ.

وَلَا شكّ أَن معرفَة الحكم بدليله أيسر وَأسلم من الْجَهْل والتقلد وَاتِّبَاع الْهوى.


فَإِذا جَوَّزنَا للرجل أَن يُقَلّد الشَّخْص فِيمَا يَقُوله لِاعْتِقَاد أَنه أعلم؛ فَلِأَن يجوز لَهُ أَن يُقَلّد صَاحب القَوْل الَّذِي تبين لَهُ رُجْحَان قَوْله بالأدلة الشَّرْعِيَّة أولى وَأَحْرَى»اهـ.

كشكول ٣٨٩: ضعف قول من قال: «الاجتهاد واجب على كل أحد».


ضعف قول من قال: «الاجتهاد واجب على كل أحد».

قال ابن تيمية -رحمه الله- كما في مختصر الفتاوى المصرية (ص: 556): 
«وَقد قَالَ بعض أهل الْكَلَام: «يجب على كل أحد أَن يجْتَهد فِي كل مَسْأَلَة تنزل بِهِ وَلَا يُقَلّد أحدا من الْأَئِمَّة»؛

وَهَذَا قَول ضَعِيف.

بل خطأ وَالْأَئِمَّة على خِلَافه؛ 

فَإِن أَكثر آحادا الْعَامَّة يعجز عَن معرفَة الِاسْتِدْلَال فِي كل مَسْأَلَة يحْتَاج إِلَى مَعْرفَتهَا.


بل أَكثر المشتغلين بالتفقه يعجز عَن ذَلِك»اهـ.

كشكول ٣٨٨: لا سبيل للتفقه في الشرع إلا بمعرفة مذاهب أهل العلم


لا سبيل للتفقه في الشرع إلا بمعرفة مذاهب أهل العلم.

قال ابن تيمية -رحمه الله- كما في مختصر الفتاوى المصرية (ص: 556): 
«هَؤُلَاء المجتهدون المشهورون كَانَ لَهُم من الِاجْتِهَاد فِي معرفَة الْأَحْكَام وَإِظْهَار الدّين للْأمة مَا فَضلهمْ الله تَعَالَى بِهِ على غَيرهم.

وَمن ظن أَنه يعرف الْأَحْكَام من الْكتاب وَالسّنة بِدُونِ مَعْرفَته بِمَا قَالَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة وأمثالهم فَهُوَ غالط مخطىء؛

فَإِن كَانَ لَا بُد من معرفَة الِاجْتِمَاع وَالِاخْتِلَاف؛ فَلَا بُد من معرفَة مَا يسْتَدلّ بِهِ الْمُخَالف، وَمَا استخرجوه من أَدِلَّة الْكتاب وَالسّنة.

وَهَذَا وَنَحْوه لَا يعرف إِلَّا بِمَعْرِفَة أَقْوَال أهل الِاجْتِهَاد.


وَأَعْلَى هَؤُلَاءِ الصَّحَابَة -رَضِي الله عَنْهُم-؛ فَمن ظن أَنه يَأْخُذ من الْكتاب وَالسّنة بِدُونِ أَن يقْتَدى بالصحابة، وَيتبع غير سبيلهم؛ فَهُوَ من أهل الْبدع والضلال. وَمن خَالف مَا أجمع عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ؛ فَهُوَ ضال، وَفِي تكفيره نزاع وتفصيل»اهـ.

كشكول ٣٨٧: من ادعى العصمة لأحد غير الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فهو ضال


من ادعى العصمة لأحد غير الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

قال ابن تيمية -رحمه الله- في مختصر الفتاوى المصرية (ص: 558):
«وَمن ادّعى الْعِصْمَة لأحد فِي كل مَا يَقُوله بعد الرَّسُول -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم-؛ فَهُوَ ضال، وَفِي تكفيره نزاع وتفصيل.

وَمن قلد من يسوغ لَهُ تَقْلِيده، فَلَيْسَ لَهُ أَن يَجْعَل قَول متبوعه أصح من غَيره بالهوى بِغَيْر هدى من الله.

وَلَا يَجْعَل متبوعه محنة للنَّاس؛ فَمن وَافقه وَالَاهُ، وَمن خَالفه عَادَاهُ؛ فَإِن هَذَا حُرْمَة الله وَرَسُوله بِاتِّفَاق الْمُؤمنِينَ.

بل يجب على الْمُؤمنِينَ أَن يَكُونُوا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا} إِلَى قَوْله {ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر وَأُولَئِكَ هم المفلحون وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا من بعد مَا جَاءَهُم الْبَينَات وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَاب عَظِيم يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه}.

قَالَ ابْن عَبَّاس -رَضِي الله عَنْهُمَا-: «تبيض وُجُوه أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، وَتسود وُجُوه أهل الْبِدْعَة والفرقة».


وَفِي جَوَاز تَقْلِيد الْمَيِّت قَولَانِ فِي مَذْهَب أَحْمد وَغَيره»اهـ.

كشكول ٣٨٦: المقلد يكون حاكيًا، لا يكون مفتياً


المقلد يكون حاكيًا، لا يكون مفتياً.

قال ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى لابن تيمية (1/ 461- 462) ومجموع الفتاوى 26/202): 
«وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحَدٍ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ، وَدَلِيلٌ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ ذَلِكَ تُقَدَّرُ مُقَدَّمَاتُهُ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، لَا بِأَقْوَالِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، 

فَإِنَّ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ يُحْتَجُّ لَهَا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، لَا يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَمَنْ تَرَبَّى عَلَى مَذْهَبٍ قَدْ تَعَوَّدَهُ، وَاعْتَقَدَ مَا فِيهِ، وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ، وَتَنَازُعَ الْعُلَمَاءِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا جَاءَ عَنْ الرَّسُولِ وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ. بِحَيْثُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ، وَبَيْنَ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، أَوْ يَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ.


وَمَنْ كَانَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا، لَمْ يَحْسُنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْمُقَلِّدَةِ النَّاقِلِينَ لِأَقْوَالِ غَيْرِهِمْ، مِثْلُ الْمُحَدِّثِ عَنْ غَيْرِهِ، وَالشَّاهِدُ عَلَى غَيْرِهِ لَا يَكُونُ حَاكِمًا، وَالنَّاقِلُ الْمَحْمُودُ يَكُونُ حَاكِيًا لَا مُفْتِيًا»اهـ.

كشكول ٣٨٥: إذا كان البحث في حديث؛ فلابد من أحد أمرين



إذا كان البحث في حديث؛ فلابد من أحد أمرين:

- أن يذكر له إسناداً يحتج بمثله أهل الحديث.
- أن ينقل تصحيحه ممن يعتمد قوله من أئمة الحديث.

قال ابن تيمية -رحمه الله- في منهاج السنة النبوية (7/ 302): 

«لَوْ تَنَاظَرَ فَقِيهَانِ فِي فَرْعٍ مِنَ الْفُرُوعِ، لَمْ تَقُمِ الْحُجَّةُ عَلَى الْمُنَاظَرَةِ إِلَّا بِحَدِيثٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ مُسْنَدٌ إِسْنَادًا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، 

أَوْ يُصَحِّحُهُ مَنْ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ.

فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُعْلَمُ إِسْنَادُهُ، 


وَلَمْ يُثْبِتْهُ أَئِمَّةُ النَّقْلِ، فَمِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ؟ لَا سِيَّمَا فِي مَسَائِلِ الْأُصُولِ الَّتِي يُبْنَى عَلَيْهَا الطَّعْنُ فِي سَلَفِ الْأُمَّةِ وَجُمْهُورِهَا، وَيُتَوَسَّلُ بِذَلِكَ إِلَى هَدْمِ قَوَاعِدِ الْمَسْأَلَةِ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ إِسْنَادُهُ وَلَا يُثْبِتُهُ أَئِمَّةُ النَّقْلِ، وَلَا يُعْرَفُ أَنَّ عَالِمًا صَحَّحَهُ؟!»اهـ.

كشكول ٣٨٤: في فقه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ومناقبه


في فقه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ومناقبه.

قال ابن تيمية -رحمه الله- في منهاج السنة النبوية (6/ 55- 59): 
«قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ».
وَهَذَا لِكَمَالِ نَفْسِهِ بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ، قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا}. (سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 115) فَاللَّهُ -تَعَالَى- بَعَثَ الرُّسُلَ بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ؛ فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَتَمَّ عِلْمًا وَعَدْلًا كَانَ أَقْرَبَ إِلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ.

وَهَذَا كَانَ فِي عُمَرَ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ، وَهَذَا فِي الْعَمَلِ وَالْعَدْلِ ظَاهِرٌ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَأَمَّا الْعِلْمُ فَيُعْرَفُ بِرَأْيِهِ وَخِبْرَتِهِ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا يَنْفَعُهُمْ وَمَا يَضُرُّهُمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَيُعْرَفُ بِمَسَائِلِ النِّزَاعِ الَّتِي لَهُ فِيهَا قَوْلٌ وَلِغَيْرِهِ فِيهَا قَوْلٌ؛ فَإِنَّ صَوَابَ عُمَرَ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ وَمُوَافَقَتَهُ لِلنُّصُوصِ أَكْثَرُ مِنْ صَوَابِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ.

وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَى قَوْلِهِ أَمْيَلَ، وَمَذْهَبُهُمْ أَرْجَحُ مَذَاهِبِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مَدَائِنِ الْإِسْلَامِ فِي الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ أَهْلُ مَدِينَةٍ أَعْلَمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُمْ، وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَقْدِيمِ قَوْلِ عُمَرَ عَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ.

وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ، فَالطَّبَقَةُ الْأُولَى مِنْهُمْ أَصْحَابُ ابْنِ مَسْعُودٍ يُقَدِّمُونَ قَوْلَ عُمَرَ عَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ، وَأُولَئِكَ أَفْضَلُ الْكُوفِيِّينَ. حَتَّى قُضَاتُهُ شُرَيْحٌ وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ وَأَمْثَالُهُمَا كَانُوا يُرَجِّحُونَ قَوْلَ عُمَرَ [وَعَلِيٍّ] عَلَى قَوْلِهِ وَحْدَهُ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «مَا رَأَيْتُ عُمَرَ قَطُّ إِلَّا وَأَنَا يُخَيَّلُ لِي أَنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ». وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «مَا كُنَّا نَبْعُدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ».

وَقَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: «كَانَ الْإِسْلَامُ فِي زَمَنِ عُمَرَ كَالرَّجُلِ الْمُقْبِلِ، لَا يَزْدَادُ إِلَّا قُرْبًا، فَلَمَّا قُتِلَ كَانَ كَالرَّجُلِ الْمُدْبِرِ لَا يَزْدَادُ إِلَّا بُعْدًا».

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ». 

وَقَالَ أَيْضًا: «إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيْهَلَا بِعُمَرَ، كَانَ إِسْلَامُهُ نَصْرًا، وَإِمَارَتُهُ فَتْحًا».

وَقَالَ أَيْضًا: «كَانَ عُمَرُ أَعْلَمَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأَفْقَهَنَا فِي دِينِ اللَّهِ، وَأَعْرَفَنَا بِاللَّهِ، وَاللَّهِ لَهُوَ أَبْيَنُ مِنْ طَرِيقِ السَّاعِينَ، يَعْنِي أَنَّ هَذَا أَمْرٌ بَيِّنٌ يَعْرِفُهُ النَّاسُ».

وَقَالَ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «لَوْ أَنَّ عِلَمَ عُمَرَ وُضِعَ فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ، وَوُضِعَ عِلْمُ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَ عَلَيْهِمْ».

وَقَالَ أَيْضًا لَمَّا مَاتَ عُمَرُ: «إِنِّي لَأَحْسَبُ هَذَا قَدْ ذَهَبَ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الْعِلْمِ، وَإِنِّي لَأَحْسَبُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْعِلْمِ ذَهَبَ مَعَ عُمَرَ يَوْمَ أُصِيبَ».

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: «إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي شَيْءٍ؛ فَانْظُرُوا مَا صَنَعَ عُمَرُ، فَخُذُوا بِرَأْيِهِ».

وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: «إِنَّمَا كَانَ عُمَرُ مِيزَانًا لَا يَقُولُ كَذَا وَلَا يَقُولُ كَذَا».

وَهَذِهِ الْآثَارُ وَأَضْعَافُهَا مَذْكُورَةٌ بِالْأَسَانِيدِ الثَّابِتَةِ فِي الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، لَيْسَ مِنْ أَحَادِيثِ الْكَذَّابِينَ، وَالْكُتُبُ الْمَوْجُودَةُ فِيهَا هَذِهِ الْآثَارُ الْمَذْكُورَةُ بِالْأَسَانِيدِ الثَّابِتَةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا»اهـ.


ومالك -رحمه الله- يعتمد عمل أهل المدينة، ويتتبع في فقهه كلام ابن عمر -رضي الله عنه-، وابن المسيب -رحمه الله-، وهما أعلم الناس بفقه عمر وبكلامه!

كشكول ٣٨٣: سأل رجل أحد الحكماء...



جاءني على الواتس:

سأل رجل أحد الحكماء:

«كم آكل؟».
قال: «فوق الجوع، ودون الشبع».

«وكم أضحك؟».
قال: «حتى يسفر وجهك، ولا يعلو صوتك».

«فكم أبكي؟».
قال: «لا تمل من البكاء من خشية الله».

«فكم أخفي عملي الصالح؟».
قال: «ما استطعت».

«فكم أظهر منه؟».
قال: «مقدار ما يقتدى بك».

«فكم أفرح إذا مدحني الناس؟».
قال: «على قدر ظنك أراضي الله عنك، أم غاضب».

«فكم أحزن إذا ذمني الناس؟».
قال: «وما يضرك أن تكون
مذموماً عند الناس،
إذا كنت محموداً عند الله؟!».

{وأخي هارون هو أفصح مني}.
الإعتراف بمزايا الآخرين من مزايا الأنبياء.
وإنكارها من مزايا الشيطان.
{قال أنا خير منه}.

طلب إبراهيم إبنه للذبح؛ فامتثل.
وطلب نوح ابنه للحياة؛ فأبى.

فالبعض بار بوالديه حد الذُّهول، 
والبعض عاقٌ حد العجب!!

قالوا للنبي هود:
{إنا لَنَراكَ في سَفاهةٍ}.
فأجابهم: 
{يا قَومِ ليس بي سفاهَةٌ}.
ولم يقل بل أنتم السفهاء!

ما أجمل رقي الأخلاق في تعامل الأنبياء.

كلام جميل:
- أهرب حيث شئت:
{إنّ إلى رَبِّكَ الرُّجْعى}.

- واعمَل ماشئتَ؛ فهناك كتابٌ:
{لا يُغادرُ صغيرةً ولا كَبِيرَةً 
إلا أَحصَاهَا}.

- اليوم:
{يُقبل} منك {مِثقاَل ذَرة}.

- وغداً:
{لن يُقبل} منك 
{ملءُ اﻷرضِ ذَهباً}.

فاتقوا الله، وتأَملوُها بعمق.


طابت أيامكم بذكر الله.

قال وقلت ٥١: وهل تعلم أنه الدين إذا ضاع ضاع كل شيء؟!


قال: «هم يتلونون، وينادون بالدمقراطية؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات».

قلت: أي ضرورة؟! يا سيدي أن الضرورات التي علينا حفظها، والتي اتفقت عليها الشرائع السماوية هي: (الدين، والعرض، والعقل، والنفس، والمال)، وطريقهم هذا يؤدي إلى ضياع الدين؛ لأنهم بهذه الأفكار يضيعون الدين، ويشوهونه، ويبدلونه، ويحرفونه؛ فهم يتبنون أن الدين يقرر حرية الاعتقاد. ويقررون أن إقامة الحدود اختلاف فقهي ليس له علاقة بإقامة الشرع. ويقررون أن لا براءة من الكفر وأهله؛ فخصومتنا مع اليهود من أجل الأرض، فإذا أرجعوا لنا أرضنا لا خصام بيننا وبينهم! وأنه لا اختلاف بين المسلمين والنصارى، هكذا على الإطلاق، بربك أليس في هذا ضياع الدين؟!


وهل تعلم أنه الدين إذا ضاع ضاع كل شيء؟!

قال وقلت ٥٠: هذا منهم من باب أخف الضررين، وأهون الشرين!



قال: «هذا منهم من باب أخف الضررين، وأهون الشرين!».

قلت: محل هذه القاعدة إذا تعين الوقوع في أحدهما، ولم يكن بد من أحدهما!

فلا تستعمل هذه القاعدة في الأمر له أكثر من طريق، ولا يلزم الوقوع في أحدهما.

فمثلاً:  ليس من الرضا بأهون الضررين الدعوة إلى الدمقراطية، وتحكيم الشعب، والرضا بشريعة الصندوق؛ لأنه لا يتعين أن نفعل هذا، فيمكننا أن نعتزل هذا الأمر من أصله. ويمكننا أن نسلك طريقاً آخر فيه الدعوة إلى ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وبيان الحق، بدون مراوغة أو مداهنة!


والله المستعان.

كشكول ٣٨٢: كل أحاديث التي فيها ذكر الرايات السود لا يصح منها شي (الشيخ الالباني -رحمه الله-)


كل أحاديث التي فيها ذكر الرايات السود لا يصح منها شي. (الشيخ الالباني -رحمه الله-).

http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=149320م

كشكول ٣٨١: من أكبر مشاكل كتب أصول الفقه: إيراد الأقوال المبنية على مذهب عقدي مخالف لأهل السنة والجماعة


من أكبر مشاكل كتب أصول الفقه: إيراد الأقوال المبنية على مذهب عقدي مخالف لأهل السنة والجماعة؛ فيتلقى الباحث القول ولا ينتبه لأبعاده؛ فإذا هو يقرر مذهب المعتزلة، أو الأشاعرة من حيث لا يشعر!

ولنضرب لذلك أمثلة؛ 

قولهم: مسألة هل للأمر والنهي صيغة، 
هذه المسألة مبنية على مسألة عقدية، وهي هل هذا القرآن الموجود بين أيدينا هو كلام الله، أو هو المعنى القائم في ذات الله، وتلقاه وفهمه جبريل من الله وألقاه على محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعبر عنه؛ فهو إما عبارة جبريل ألقاها إلى الرسول، أو عبارة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، 

فمن قال ليس للأمر والنهي صيغة؛ يريد أن القرآن معنى نفسي، ولا يريد قول أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله سمعه جبريل من الله وبلغه جبريل للرسول -صلى الله عليه وسلم- كما سمعه، وبلغنا من الرسول كذلك.

مسألة: هل بقي في القرآن إجمال؟ قول أهل السنة بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- القرآن جميعه، وما فيه من إجمال هو بالنسبة لحال المجتهد، وقيل: بين ما يتعلق بالأحكام وقد يبقى إجمال فيما عدا ذلك.

القول ببقاء الإجمال في القرآن وأن البيان فقط فيما يتعلق بالأحكام الشرعية، هذا قول مؤولة الصفات؛ لأنهم يجعلونها مجملة لم يبين معناها؛ فيدخلون من هذه المسألة إلى تقرير قولهم في الصفات!

مسألة: أن المتشابه ما لا يوقف له على معنى، فهو كالمجمل. 
هذا قول نفاة الصفات! وتقدم.


وكذا يمكن تتبع مسائل من هذا القبيل، ويصلح أن يصنف كتاب في هذا الموضوع، ويحتاج طالب علم متمكن في عقيدة السلف والأصول، ويمكن تتبع ذلك من كلام ابن تيمية وابن القيم؛ فلهما جهود كبيرة في ذلك، وكذا من قبلهما الشيرازي في اللمع.

كشكول ٣٨٠: من وسائل أهل الباطل: عرض باطلهم في قوالب الحق، فيسمونه بغير اسمه!



من وسائل أهل الباطل: عرض باطلهم في قوالب الحق، فيسمونه بغير اسمه!

كمن يسمى الربا فائدة.

ومن يسمي الخروج بالمظاهرات والاعتصامات أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر.

ويسمي المداهنة بالدين سياسة شرعية.

قال ابن القيم -رحمه الله- في إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (2/80 – 82): 
«الحيل الباطلة: أن تصير العقود الشرعية عبثًا لا فائدة فيها؛ فإنها لم يقصد بها المحتال مقاصدها التي شرعت لها، بل لا غرض له في مقاصدها وحقائقها البتة، وإنما غرضه التوصل بها إلى ما هو ممنوع منه؛ فجعلها سترة وجنة يتستر بها من ارتكاب ما نهى عنه صرفاً، فأخرجه في قالب الشرع.

كما أخرجت الجهمية التعطيل في قالب التنزيه.

وأخرج المنافقون النفاق فى قالب الإحسان، والتوفيق، والعقل المعيشي.

وأخرج الظلمة الفجرة الظلم والعدوان في قالب السياسة، وعقوبة الجناة.

وأخرج المكاسون أكل المكوس في قالب إعانة المجاهدين، وسد الثغور، وعمارة الحصون.

وأخرج الروافض الإلحاد والكفر، والقدح في سادات الصحابة وحزب رسول الله -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-، وأوليائه وأنصاره، في قالب محبة أهل البيت، والتعصب لهم، وموالاتهم.

وأخرجت الإباحية وفسقة المنتسبين إلى الفقر والتصوف بدعهم وشطحهم في قالب الفقر، والزهد، والأحوال، والمعارف، ومحبة الله، ونحو ذلك.

وأخرجت الاتحادية أعظم الكفر والإلحاد في قالب التوحيد، وأن الوجود واحد لا اثنان، وهو الله وحده، فليس هاهنا وجودان: خالق، ومخلوق ولا رب وعبد، بل الوجود كله واحد، وهو حقيقة الرب.

وأخرجت القدرية إنكار عموم قدرة الله تعالى على جميع الموجودات: أفعالها، وأعيانها، في قالب العدل، وقالوا: لو كان الرب قادراً على أفعال عباده لزم أن يكون ظالمًا لهم؛ فأخرجوا تكذيبهم بالقدر في قالب العدل.

وأخرجت الجهمية جحدهم لصفات كماله سبحانه في قالب التوحيد، وقالوا: لو كان له سبحانه سمع وبصر، وقدرة، وحياة، وإرادة، وكلام يقوم به لم يكن واحداً وكان آلهة متعددة.

وأخرجت الفسقة والذين يتبعون الشهوات الفسوق والعصيان في قالب الرجاء وحسن الظن بالله تعالى، وعدم إساءة الظن بعفوه، وقالوا: تجنب المعاصي والشهوات إزراء بعفو الله تعالى، وإساءة للظن به، ونسبة له إلى خلاف الجود والكرم والعفو.

وأخرجت الخوارج قتال الأئمة، والخروج عليهم بالسيف في قالب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

وأخرج أرباب البدع جميعهم بدعهم في قوالب متنوعة، بحسب تلك البدع.

وأخرج المشركون شركهم في قالب التعظيم لله، وأنه أجل من أن يتقرب إليه بغير وسائط وشفعاء، وآلهة تقربهم إليه.

فكل صاحب باطل لا يتمكن من ترويج باطله إلا بإخراجه في قالب حق.


والمقصود: أن أهل المكر والحيل المحرمة، يخرجون الباطل في القوالب الشرعية، ويأتون بصور العقود دون حقائقها ومقاصدها.»اهـ.

كشكول ٣٧٩: إن نصف الناس أعداء لمن ولي الأحكام هذا إن عدل


قال ابن الوردي -رحمه الله- في لاميته:


إنّ نِصْفَ النَّاسِ أَعداءٌ لِمَنْ ... وَلي الأَحْكَامَ هَذَا إِنْ عَدَلْ

كشكول ٣٧٨: ليست النصيحة مجرد الدلالة على الخير، أو من أجل الدنيا!


ليست النصيحة مجرد الدلالة على الخير، أو من أجل الدنيا!

قال الخطابي -رحمه الله- في معالم السنن (4/ 125): «النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له.
وليس يمكن أن يعبر هذا المعنى بكلمة واحدة تحصرها وتجمع معناها غيرها.
وأصل النصح في اللغة: الخلوص، يقال: نصحت العسل إذا خلصته من الشمع.
فمعنى نصيحة للّه سبحانه: صحة الاعتقاد في وحدانيته، وإخلاص النية في عبادته. 
والنصيحة لكتاب الله: الإيمان به، والعمل بما فيه.
والنصيحة لرسوله: التصديق بنبوته، وبذل الطاعة له فيما أمر به ونهى عنه.
والنصيحة لأئمة المؤمنين: أن يطيعهم في الحق، وأن لا يرى الخروج عليهم بالسيف إذا جاروا.
والنصيحة لعامة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم»اهـ.

ولذلك من بايع إمامه من أجل الدنيا والمناصب، لم ينصح له، وهو من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم؛

أخرج البخاري تحت رقم: (7212)، ومسلم تحت رقم: (108) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: 

رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ.

وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَاهُ، إِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَفِ لَهُ.

وَرَجُلٌ يُبَايِعُ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ، فَأَخَذَهَا، وَلَمْ يُعْطَ بِهَا».

كشكول ٣٧٧: لا يتحقق أنك تذكر الله بلسانك إذا لم تحركه. لابد من حركة اللسان عند قراءة القرآن في الصلاة، وأذكار الصلاة


لا يتحقق أنك تذكر الله بلسانك إذا لم تحركه. لابد من حركة اللسان عند قراءة القرآن في الصلاة، وأذكار الصلاة.

حتى أذكار الصباح لابد فيها من حركة اللسان، وإلا أنت لم تقلها!

قال ابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين عن رب العالمين (4/ 197): 

«إذَا اُسْتُحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ، فَأَحَبَّ أَنْ يَحْلِفَ وَلَا يَحْنَثَ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِقَوْلِ: «إنْ شَاءَ اللَّهُ».

وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُسْمِعَهَا نَفْسَهُ؟ 

فَقِيلَ: «لَا بُدَّ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ».

وَقَالَ شَيْخُنَا: «هَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، بَلْ مَتَى حَرَّكَ لِسَانَهُ بِذَلِكَ كَانَ مُتَكَلِّمًا، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ، 

وَهَكَذَا حُكْمُ الْأَقْوَالِ الْوَاجِبَةِ وَالْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ».

قُلْت: وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُطْبِقُ شَفَتَيْهِ وَيُحَرِّكُ لِسَانَهُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ذَاكِرًا، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا حَظَّ لِلشَّفَتَيْنِ فِي حُرُوفِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، بَلْ كُلُّهَا حَلْقِيَّةٌ لِسَانِيَّةٌ؛

فَيُمْكِنُ الذَّاكِرُ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِهَا، وَلَا يُسْمِعَ نَفْسَهُ، وَلَا أَحَدًا مِنْ النَّاسِ، وَلَا تَرَاهُ الْعَيْنُ يَتَكَلَّمُ،

وَهَكَذَا التَّكَلُّمُ يَقُولُ: «إنْ شَاءَ اللَّهُ» يُمْكِنُ مَعَ إطْبَاقِ الْفَمِ؛

فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ، وَلَا يَرَاهُ، وَإِنْ أَطْبَقَ أَسْنَانَهُ وَفَتَحَ شَفَتَيْهِ أَدْنَى شَيْءٍ سَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ بِجُمْلَتِهِ»اهـ.


وكنت أسمع أن هذا اختيار ابن تيمية، وأبحث عنه في كتبه فلا أجده، حتى وجدته والحمد لله في كلام تلميذه ابن القيم نقلاً عنه؛ فالحمد لله على توفيقه!

كشكول ٣٧٦: ثقافة الخروج على الأئمة


ثقافة الخروج على الأئمة.

قدم علي بن الجهم (الشاعر العراقي) -وكان بدويًّا جافياً- على المتوكل، فأنشده قصيدة قال فيها:

أنت كالكلب في حفاظك للود ... وكالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمناك دلواً ... من كبار الدلا كثير الذنوب

فعرف المتوكل شاعريته، وتأثره في خشونة لفظه بالمحل الذي كان فيه؛ فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة فيها بستان يتخلله نسيم لطيف، والجسر قريب منه. فأقام ستة أشهر على ذلك، ثم استدعاه الخليفة؛ لينشد، فقال:

عـيون المها بين الرصافة والجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري

في قصيدة طويلة.

ولا يهم ثبوت القصة، أو عدم ثبوتها؛ إنما المهم العبرة التي نأخذها منها. 

وهي أن البيئة المحيطة بالإنسان لها أثر عليه.

والإنسان اجتماعي.

وابن بيئته.

فهو يتفاعل ويتأثر مع ما حوله.

هذه البيئة المحيطة بنا هي ثقافتنا، ومنها نستمد مفرداتنا، وتصوراتنا، بل حتى ردود أفعالنا تتأثر بما حولنا إلى حد كبير!

وإذا نظرنا إلى ما نشاهد عليه شبابنا اليوم من ميول إلى مظاهر الخروج، نجد ذلك نتيجة طبيعية لما ينشأ عليه الشاب من المؤثرات التي تجعله يسلك سلوكاً لا نرضاه؛ ثم نستعجب ونتساءل من أين جاء هذا السلوك؟!

لما يسمع أطفالنا الأناشيد التي ترسم له الخطة للتعبير عن عدم الرضا بالخروج على الواقع.

لمّا تصور له الدنيا على أنها غابة وأن الحكام هم ذئاب وثعالب.

لمّا يُعلم شبابنا في كتب الثقافة الإسلامية الإنكار على ولاة الأمر بالسيف.

لمّا يُتكلم على ولاة الأمر في الملأ بسوء، تحت مسمى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

لمّا تملأ القلوب بالحقد والكره والنظرة الدونية لمن ينيبهم ولاة الأمر.

لمّا يترك المجال لأولئك النفر الذين ينشرون هذه الأمور؛ فيملئون الفضاء بكلامهم.

لمّا ينازع الأمر أهله.

لمّا يجعل الصبر رذيلة، وضعف، وخوار.

لمّا يكون حمل السلاح بين المسلمين والاحتكام إليه رجولة وشجاعة.

لمّا يصور أصحاب الفكر التكفيري على أنهم رجال إصلاح بذلوا أرواحهم في سبيل الدعوة.

لمّا تذكر كتب أقنوم التكفير والخروج وتمجد!

لما يتسلم الكراسي العلمية أناس ولاؤهم لهذا الفكر وأصحابه. 


لمّا يكون ذلك، فهذه ثقافة الخروج على ولاة الأمور!