السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الجمعة، 5 ديسمبر 2014

كشكول ٢٦٠: أول العلم فيه غرر. ويفسد الدين: نصف فقيه، ونصف عالم


أول العلم فيه غرر. ويفسد الدين: نصف فقيه، ونصف عالم.

قال ابن عثيمين -رحمه الله- الشرح الممتع شرح زاد المستقنع (9/25):

«ينبغي لطالب العلم أن لا يستعجل فيه،

كذلك التدريس والفتوى، 

والحرص على الظهور قبل الضبط. 

وكنا نرى من بعض الأقران والزملاء من يحرص على أن يفتي بمجرد ما يقرأ مسألة؛ ليبرز، فكان بعض مشايخنا -رحمة الله عليهم- يقول له: لا تستعجل، واترك الفتوى في زمانك لمن هو أهل لها، فحريٌ بك -إن شاء الله- إن وضع الله لك قبولاً في الفتوى أن يرجع الناس إليك، وأن لا يزاحمك الغير كما لم تزاحم من هو أهلٌ للفتوى وأحق بها منك، انتظر وأتقن واضبط، ثم بعد ذلك تفرَّغ للتدريس والتعليم. 

وهذا مما أحببت أن أنبه إليه ،...، 

فبعض طلاب العلم -أصلحهم الله- بمجرد ما يقرأ كتاب الطهارة أو كتاب الصلاة أخرج المذكرة وعلَّق عليها، وأضاف ونقَّح، وزاد!

فهذا كله من الآفات التي ينبغي لطالب العلم أن يتجنبها، 

وأن يحفظ حقوق أهل العلم، 

لا يختص هذا بعالم، إنما يشمل كل أهل العلم المتقدمين والمتأخرين. 

وينبغي للإنسان أن يكون حريصاً على إرادة وجه الله؛ لأن العلم فيه فتنة. 
والشيطان حريص. 

ومما ذكره العلماء: 

أن الدِّين يُفسِده نصف فقيه وعابد جاهل؛ 

فنصف العالم عنده علم، لكنه لم يكتمل علمه؛ فيُلفِّق، فهو ما بين الهلاك والنجاة، فتارةً يأخذ قولاً صحيحاً فيُعجب الناس من صحته وصوابه، ثم يوردهم المهالك، فإذا قال لهم أحد: إنه أخطأ في هذه المسألة، قالوا: لا، قد أصاب في غيرها فهو من أهل العلم. ولذلك ينبغي لطالب العلم أن لا يستعجل، 

ونصف العالم ونصف الفقيه يقع في أثناء الطلب؛ ولذلك كان من الحِكم المشهورة: (أول العلم طفرةٌ وهزة، وآخره خشية وانكسار). 


أول العلم فيه غرور، فإذا ثبَّت الله قدم صاحبه ومشى فيه حتى أتمَّه، وحرص على أنه لا يخرج ولا يكتب ولا يتصدَّر للناس إلا على أرضٍ ثابتة، وبيِّنة من ربه»اهـ.

كشكول ٢٥٩: الفتن نوعان


الفتن نوعان:

النوع الأول: فتن الشبهات.

والمراد بها: الفتن المتعلقة بالدين. 

وهي أشد وأخطر من فتن الشهوات، لأنها قد تخرج الإنسان طهارة التوحيد إلى نجاسة الشرك والكفر والإلحاد والزندقة، أو من نور السنة إلى ظلمة البدع والضلالات. 

وهذه الشبه تخرج من حين لآخر، 

وتكثر في وقت وتضعف في آخر، 

ودعاتها في ازدياد وتكاثر، 

وقد تخرج في جريدة 

أو في مجلة 

أو في كتاب 

أو في شريط 

أو في فضائية 

أو في الإنترنت، 

أو عن طريق مجادلة، 

أو مناظر مع ملحد، 

أو مبتدع. 

وقد يكون الرجل صاحب عقيدة صحيحة طيبة، ومحب للتوحيد والسنة، وتعظيم للسلف، فيجر نفسه إلى السماع والإصغاء لملحد أو مبتدع أو قراءة كتبه؛ فيورد عليه شبهة يضل بها ويهلك. 

وهذه الشُّبَه قد تتعلق بالله سبحانه وأسمائه وصفاته وأفعاله، 

أو بالرسل والأنبياء، 

أو بالقرآن، 

أو بالصحابة، 

أو بالقدر، 

أو باليوم الآخر وما فيه، 

أو بالغيبيات، 

أو بالتوحيد والشرك، 

أو بالسنة والبدعة، 

أو ببعض الواجبات، 

أو المحرمات، 

أو الأدوية الواردة في السنة. وغير ذلك.

النوع الثاني: فتن الشهوات. 

والمراد بها: الشهوات الموصلة والمشجعة على فعل المعاصي ومقارفتها. 

وهذه الفتن شديدة الخطورة لا سيما في عصرنا؛ لأنها أكثر إغراء، وأقرب إلى النفوس الضعيفة؛ فينخدع بها المسلم أول الأمر، ثم يتورط فيها حتى تسوخ قدمه في الباطل، ويذهب إيمانه أو يضعف. 

ومن أمثلتها: 

شهوة المال، 

وشهوة الفواحش، 

وشهوة الملاهي، 

وشهوة المأكولات، 

وشهوة المشروبات، 

وشهوة الملبوسات، 

وشهوة تقليد الكفار والفساق. 

فشهوة المال مثلاً تفضي إلى الوقوع في آثام كثيرة، كسفك الدماء بالحروب بين الدول، أو بين القبائل بعضها مع بعض، أو سرقة بيوت الناس ومتاجرهم ومراكبهم، أو أكل أموالهم بالطرق والحيل المحرمة، أو بيع الأشياء المحرمة. فما يعود يهتم من أين اكتسبه ولا فيما أنفقه!

وشهوة الفاحشة تفضي إلى الوقوع في الاغتصاب، والزنا، وعمل قوم لوط، والإكثار من الاستمناء بغير حاجة، واستدراج القُصَّر، وضعاف العقول، إلى ولوج باب الرذيلة، وتفضي إلى مشاهدة العُري في الفضائيات أو الفيديو أو الإنترنت أو الصحف والمجلات، أو ملاحقة النساء في الأسواق، أو عبر أجهزة التواصل المرئي والمسموع، كالهاتف الجوال وكاميرا الكمبيوتر. 

ويزاد على ذلك ما تجر إليه من الضعف في أداء الواجبات،

والتقصير والتساهل في القيام بها،

بل تركها وهجرها.


وقد يكون الرجل عنده عفة وخوف ودين، فيلج باب هذا النوع من الفتن؛ فيفسد ويهلك.

كشكول ٢٥٨: ماذا أفعل إذا تعارضت المصالح والمفاسد، أو تزاحمت المصالح أو المفاسد؟


سؤال: «ماذا أفعل إذا تعارضت المصالح والمفاسد، أو تزاحمت المصالح أو المفاسد؟». 

الجواب: 

قال ابن تيمية -رحمه الله- (مجموع الفتاوى 28/29-230): «إذا تعارضت المصالح والمفاسد، والحسنات والسيئات، أو تزاحمت؛ فإنه يجب ترجيح الراجح منها.

فإن الأمر والنهي وإن كان متضمنًا لتحصيل مصلحة، ودفع مفسدة؛ فينظر في المعارض له، فإن كان الذي يفوت من المصالح، أو يحصل من المفاسد أكثر، لم يكن مأمورًا به، بل يكون محرمًا إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته.

لكن اعتبار مقادير والمصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة، فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها، وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقل أن تعوز النصوص من يكون خبيرًا بها وبدلالتها على الأحكام. 

وعلى هذا إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما، بل إما أن يفعلوهما جميعًا أو يتركوهما جميعًا؛ لم يجز أن يؤمروا بمعروف ولا أن ينهوا عن منكر؛

بل ينظر فإن كان المعروف أكثر أمر به، وإن استلزم ما هو دونه من المنكر، ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه، بل يكون النهى حينئذ من باب الصد عن سبيل الله، والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله، وزوال فعل الحسنات.

وإن كان المنكر أغلب نهى عنه، وإن استلزم فوات ما هو دونه من المعروف، ويكون الأمر بذلك المعروف المستلزم للمنكر الزائد عليه أمرًا بمنكر، وسعيًا في معصية الله ورسوله.

وإن تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما.

فتارة يصلح الأمر.

وتارة يصلح النهى.

وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهى، حيث كان المعروف والمنكر متلازمين وذلك في الأمور المعينة الواقعة.

وأما من جهة النوع: فيؤمر بالمعروف مطلقًا، وينهى عن المنكر مطلقًا.

وفى الفاعل الواحد والطائفة الواحدة يؤمر بمعروفها، وينهى عن منكرها، ويحمد محمودها، ويذم مذمومها، بحيث لا يتضمن الأمر بمعروف فوات أكثر منه، أو حصول منكر فوقه. ولا يتضمن النهى عن المنكر حصول أنكر منه، أو فوات معروف أرجح منه.

وإذا اشتبه الأمر استبان المؤمن حتى يتبين له الحق، فلا يقدم على الطاعة إلا بعلم ونية، وإذا تركها كان عاصيًا؛

فترك الأمر الواجب معصية.

وفعل ما نهى عنه من الأمر معصية.


وهذا باب واسع، ولا حول ولا قوة إلا بالله»اهـ.

كشكول ٢٥٧: لا دخل للاحتمالات العقلية في الأمور النقلية



لا دخل للاحتمالات العقلية في الأمور النقلية.

قال البخاري: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ قَالَ عَطَاءٌ: 

«أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَجَعَلَتْ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْقُرْطَ وَالْخَاتَمَ وَبِلَالٌ يَأْخُذُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ».

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَطَاءٍ وَقَالَ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-». 

(كتاب العلم باب عظة النساء وتعليمهن حديث رقم: (98).). 

قال ابن حجر -رحمه الله-: «وَأَغْرَبَ الْكَرْمَانِيّ فَقَالَ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَوْله: «وَقَالَ إِسْمَاعِيل» عَطْفًا عَلَى حَدَّثَنَا شُعْبَة، فَيَكُون الْمُرَاد بِهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن حَرْب عَنْ إِسْمَاعِيل فَلَا يَكُون تَعْلِيقًا اِنْتَهَى. 

وَهُوَ مَرْدُود بِأَنَّ سُلَيْمَان بْن حَرْب لَا رِوَايَة لَهُ عَنْ إِسْمَاعِيل أَصْلًا لَا لِهَذَا الْحَدِيث وَلَا لِغَيْرِهِ.

وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي كِتَاب الزَّكَاة مَوْصُولًا عَنْ مُؤَمِّل بْن هِشَام عَنْ إِسْمَاعِيل. 

وَقَدْ قُلْنَا غَيْر مَرَّة: إِنَّ الِاحْتِمَالَات الْعَقْلِيَّة لَا مَدْخَل لَهَا فِي الْأُمُور النَّقْلِيَّة. 

وَلَوْ اِسْتَرْسَلَ فِيهَا مُسْتَرْسِل لَقَالَ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون إِسْمَاعِيل هُنَا آخَر غَيْر اِبْن عُلَيَّة، وَأَنَّ أَيُّوب آخَر غَيْر السَّخْتِيَانِيّ،


وَهَكَذَا فِي أَكْثَر الرُّوَاة؛ فَيَخْرُج بِذَلِكَ إِلَى مَا لَيْسَ بِمَرْضِيٍّ»اهـ.

سؤال وجواب ٥٧: ما حكم أكل الجبن المجلوب من بلاد الكفار؟



سؤال: «ما حكم أكل الجبن المجلوب من بلاد الكفار؟».

الجواب: 
قال ابن تيمية -رحمه الله- (مجموع الفتاوى (21/531): «أما الجبن المجلوب من بلاد الإفرنج فالذين كرهوه ذكروا لذلك سببين: 

أحدهما: أنه يوضع بينه شحم الخنزير إذا حمل في السفن.

والثاني: أنهم لا يذكون ما نصنع منه الأنفحة، بل يضربون رأس البقر ولا يذكونه. 

فأما الوجه الأول: فغايته أن ينجس ظاهر الجبن، فمتى كشط الجبن أو غسل طهر، فإن ذلك ثبت في الصحيح «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن فأرة وقعت في سمن، فقال: «ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم»، فإذا كان ملاقاة الفأرة للسمن لا توجب نجاسة جميعه، فكيف تكون ملاقات الشحم النجس للجبن توجب نجاسة باطنه ومع هذا فإنما يجب إزالة ظاهره إذا تيقن إصابة النجاسة له، وأما مع الشك فلا يجب ذلك.

وأما الوجه الثاني: فقد علم أنه ليس كلما يعقرونه من الأنعام يتركون ذكاته؛

بل قد قيل: إنهم إنما يفعلون هذا بالبقر .

وقيل: إنهم يفعلون ذلك حتى يسقط، ثم يذكونه.

ومثل هذا لا يوجب تحريم ذبائحهم، بل إذا اختلط الحرام بالحلال في عدد لا ينحصر، كاختلاط أخته بأهل بلد، واختلاط الميتة، والمغصوب بأهل بلدة، لم يوجب ذلك تحريم ما في البلد، كما إذا اختلطت الأخت بالأجنبية، والمذكي بالميت، فهذا القدر المذكور لا يوجب تحريم ذبائحهم المجهولة الحال.

وبتقدير أن يكون الجبن مصنوعًا من أنفحة ميتة؛ فهذه المسألة فيها قولان مشهوران للعلماء:

أحدهما: أن ذلك مباح طاهر، كما هو قول أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين. 

والثاني: أنه حرام نجس، كقول مالك والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى.


والخلاف مشهور في لبن الميتة وأنفحتها هل هو طاهر أم نجس. والمطهرون احتجوا بأن الصحابة أكلوا جبن المجوس مع كون ذبائحهم ميتة. ومن خالفهم نازعهم»اهـ.

كشكول ٢٥٦: كلام لابن باز -رحمه الله- في كيفية الدعوة لمن أخطأ


كلام لابن باز -رحمه الله- في كيفية الدعوة لمن أخطأ.

قال الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز -رحمه الله- (مجموع فتاوى الشيخ 7/344): «أوصي العلماء وجميع الدعاة وأنصار الحق أن يتجنبوا المسيرات والمظاهرات التي تضر الدعوة ولا تنفعها، وتسبب الفرقة بين المسلمين والفتنة بين الحكام والمحكومين.
وإنما الواجب سلوك السبيل الموصلة إلى الحق، واستعمال الوسائل التي تنفع ولا تضر، وتجمع ولا تفرق، وتنشر الدعوة بين المسلمين، وتبين لهم ما يجب عليهم بالكتابات، والأشرطة المفيدة، والمحاضرات النافعة، وخطب الجمع الهادفة التي توضح الحق وتدعو إليه، وتبين الباطل وتحذر منه، مع الزيارات المفيدة للحكام والمسئولين، والمناصحة كتابة أو مشافهة بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن؛ عملاً بقول الله -عز وجل- في وصف نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: (سورة آل عمران الآية 159): {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} الآية. وقوله -عز وجل- لموسى وهارون -عليهما الصلاة والسلام- لما أرسلهما إلى فرعون: (سورة طه الآية 44): {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}»اهـ.

ويقول سماحته (مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- (27/164)):
«فالواجب على الداعي إلى الله أن يتحمل.
وأن يستعمل الأسلوب الحسن الرفيق اللين في دعوته للمسلمين والكفار جميعًا. لا بد من الرفق مع المسلم، ومع الكافر، ومع الأمير، وغيره، ولا سيما الأمراء والرؤساء والأعيان؛ فإنهم يحتاجون إلى المزيد من الرفق والأسلوب الحسن؛ لعلهم يقبلون الحق، ويؤثرونه على ما سواه، وهكذا من تأصلت في نفسه البدعة أو المعصية، ومضى عليه فيها السنون، يحتاج إلى صبر حتى تقتلع البدعة، وحتى تزال بالأدلة، وحتى يتبين له شر المعصية وعواقبها الوخيمة؛ فيقبل منك الحق ويدع المعصية.
فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق.
والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق، وعدم قبوله، وإثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات.

ويلحق بهذا الباب ما قد يفعله بعض الناس من المظاهرات التي قد تسبب شرًا عظيما على الدعاة، فالمسيرات في الشوارع والهتافات والمظاهرات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة؛ فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبة التي هي أحسن، فتنصح الرئيس والأمير وشيخ القبيلة بهذا الطريق لا بالعنف والمظاهرة؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- مكث في مكة ثلاث عشرة سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم»اهـ.

لفت نظري ١٩: أنه كلما افتضح من ينتسب إلى جماعة حزبية تلفع بأنه ناصح


لفت نظري:

أنه كلما افتضح من ينتسب إلى جماعة حزبية تلفع بأنه ناصح، يقدم نصحه، ولكنكم لا تحبون الناصحين! 

وبعضهم كلما بينت مخالفته لما عليه السلف الصالح، قال: إنه مجتهد؛ 

وهذه حيدة؛ 

لأن المجتهد هو من توفرت فيه آلة الاجتهاد المعتبرة عند أهل العلم، ولا عذر لمن لم يبلغ هذه المرتبة في مخالفته بدعوى الاجتهاد. 

وأتذكر أنه كلما انتقد أحدهم كان يعتذر بأن ما صدر منه هو لمصلحة الدعوة! حتى أصبحت كلمة (مصلحة الدّعوة) طاغوتاً يرد به الحق الذي قام الدليل عليه، 

وأصبحت المصلحة المزعومة هي مسوِّغ كل هذه المخالفات التي وقعت فيها الجماعة الحزبية. 

ولست أجد في هذا إلا قانون ميكافيلي: «الغاية تبرر الوسيلة، أو النفعية»، 

والسؤال: أي غاية تلك التي يسعون لها؟ 

وأي نفع ذاك الذي يريدونه؟ 

وهم يدفعون النصوص، ويرمون بشرع الله عرض الحائط؛ فهو مجرد اختلافات فقهية، وفروع، واختلاف... . 

وتطور هذا الأسلوب إلى كلمة: «أنا ناصح»؛ والناصح الحق من يدعو إلى كتاب الله -جل وعلا-، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- مهتديًا في ذلك بما جاء عن السلف، وهذا الذي عليه أهل السنة والجماعة، وهو معنى: «ما أنا عليه وأصحابي» وفي رواية: «الجماعة».

فأين صفة الناصحين منه؟!


والله الموفق.

علمني ديني ٨٣: أن طريق العلم طريق محفوف بأمور تكرهها النفس؛ لأنه طريق إلى الجنة



علمني ديني: 

أن طريق العلم طريق محفوف بأمور تكرهها النفس؛

لأنه طريق إلى الجنة. 

أخرج مسلم في صحيحه (2699) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «... ومَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، ...». 

أخرج البخاري (6487)، ومسلم (2822): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ». 

فإذا كان طلب العلم طريق إلى الجنة. 

وإذا كانت الجنة محفوفة بالمكاره. 


فطريق طلب العلم محفوف بالمكاره.

علمني ديني ٨٢: أنه سيأتي أقوام يدعون أنهم على سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويتبعون دينه، وليسوا من الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا من دينه في شيء


علمني ديني: 

أنه سيأتي أقوام يدعون أنهم على سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويتبعون دينه، وليسوا من الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا من دينه في شيء. 

وأنه ستكون فتن مظلمة سوداء هي هرب وحرب؛

فعلى المسلم أن لا يقبل دعوى أي أحد إلا بعد عرض شأنه ودعوته على الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح. 

عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ الْعَنْسِيِّ، قَالَ: «سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، فَذَكَرَ الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ فِي ذِكْرِهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ، 

فَقَالَ قَائِلٌ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ؟».

قَالَ: «هِيَ هَرَبٌ وَحَرْبٌ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ، دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي، وَلَيْسَ مِنِّي، وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ، 

ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ، 

ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ، لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً، فَإِذَا قِيلَ: انْقَضَتْ، تَمَادَتْ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ، فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ، فَإِذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ، مِنْ يَوْمِهِ، أَوْ مِنْ غَدِهِ». (أخرجه أبوداود (4242)، وأحمد (الرسالة 6168).).


أمير داعش يقول إنه من آل البيت!

علمني ديني ٨١: أن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه


علمني ديني: 

أن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه. 


عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْمُهَاجِرَ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى الله عَنْهُ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ». (أخرجه أحمد في المسند (11/511، تحت رقم: 6912)، وقال محققو المسند: «إسناده صحيح على شرط الشيخين».).

علمني ديني ٨٠: أن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر. ومن الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير


علمني ديني: 

أن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر.

ومن الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير.


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ-: «إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ». (أخرجه ابن ماجه (237) وحسنه الألباني. سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم: (1332).).

علمني ديني ٧٩: أن المجاهد من جاهد نفسه في الله


علمني ديني: 

أن المجاهد من جاهد نفسه في الله. فكل مسلم في جهاد، ولن يحرمه الله أجر المجاهدين، إن صدق وأخلص. 


عن فَضَالَة بْنَ عُبَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي اللَّهِ». (أخرجه أبوداود (2500)، وابن حبان (الإحسان 4624). وصححه كذلك الألباني ومحقق الإحسان).

كشكول ٢٥٥: ماذا يصنعون بك أيها الدين؟


ماذا يصنعون بك أيها الدين؟

كلما أرادوا أن يكسروك؛ استقام ظلك وقوي عودك. 

كلما حاولوا أن يطفئوا نورك؛ سطع ضياؤك فأخذ بالألباب. 

سدوا الطرق المؤدية إليك؛ فانفتحت الأبواب، وتعددت إليك الأسباب. 

دخلت عالم الناس. 

دخلت عالم الفنانين. 

دخلت عالم الرياضيين. 

دخلت عالم السياسيين. 

أشغلت المفكرين؛ 

فأسلم منهم من أسلم. 

أعييت حيلتهم... 

أرادوا ضربك ومحاصرتك في أرضك فانقلبت الأمور لصالحك!

كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله.

أرادوا تشويهك وتغيير صورتك؛ لمع نورك فطمس كل باطل. 

رموك بالإرهاب والعنف والدموية؛ فغلبتهم برحمتك وسموك وعدلك، وأحكامك السماوية! 
طاشت أحلامهم. ذهبت عقولهم. 

صاروا يفتشون في كل مكان عن حل لهذا الدين! 

سقطت الشيوعية بأمر الله في إبطال كل باطل، فظنوا أنهم أسقطوها! 

وأعلنوا أن عدوهم التالي هو أنت أيها الإسلام... 

بحثوا... ودرسوا... ورصدوا... ووضعوا الخطط... لكن الأمور تمشي عكس ما يريدون. 

لا يوجد حل معك! 

ماذا يصنعون بك أيها الدين؟ 

قال -جل وعلا-: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}. (التوبة: 33). 

قَالَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، 

وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، 

عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، 

وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ»، 


(أخرجه أحمد في المسند تحت رقم: (16957)، وصحح سنده على شرط مسلم محققو المسند طبعة الرسالة. عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ -رضي الله عنه-).

خطر في بالي ٣٣: أن من أسباب اغترار بعض الشباب في دخولهم مع الجماعات الجهادية... ظنهم أن إقامة الدولة الإسلامية من شأن أفراد المسلمين، وهذا خطأ


خطر في بالي:

أن من أسباب اغترار بعض الشباب في دخولهم مع الجماعات الجهادية، وتسلسلهم معهم حتى يصلوا إلى درجة الخروج على الجماعة وتكفير الحكام والمسلمين، ظنهم أن إقامة الدولة الإسلامية من شأن أفراد المسلمين، وهذا خطأ؛ 

فإن إقامة الدولة الإسلامية إنما تكون من شأن ولاة الأمر، وأهل الحل والعقد والشوكة، وليست من شأن عموم المسلمين أفراداً وجماعات.

ودليل ذلك: 

أن أمر الجهاد موكول إلى الإمام من أصله، بل لا جهاد إلا من وراء إمام، ففي البخاري (2737)، ومسلم (3428) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ»،

وأجمعت كلمة أهل السنة على أن الجهاد وراء كل إمام براً كان أو فاجرًا،

فإذا كان أمر إقامة الدولة الإسلامية لا يكون إلا بالجهاد، 

والجهاد من وراء إمام، 

دل ذلك على أن أمر إقامة الدولة الإسلامية موكول إلى ولاة الأمر، لا إلى أفراد المسلمين أفراداً وجماعات. 

وهذا مبناه على قاعدة عظيمة في فهم الأدلة الشرعية وهي: 

أن خطابات القرآن العظيم قد تأتي عامة ويراد بها العموم، 

وقد تأتي عامة ويراد بها الخصوص، 

وقد تأتي عامة وتخصص منها بعض الأفراد. 

وهي أول قاعدة بدأ بها الإمام الشافعي -رحمه الله- كتابه (الرسالة) الذي هو أول كتاب مفرد في موضوعه (أصول الفقه). 

فعلى المسلم أن يتنبه إلى ذلك،

فمثلاً: 

إقامة القصاص، ليس من شأن أفراد المسلمين إقامتها. 

وتطبيق الحدود، ليس على أفراد المسلمين قطع يد السارق، ورجم الزاني الثيب، وجلد الزاني البكر، وجلد شارب الخمر، وجلد القاذف.

عقد الصلح والهدنة مع الكفار، عقداً وإبراماً. 

فتح جبهات القتال. 

إعداد العدة القتالية للجهاد.

كل ذلك من شأن ولاة الأمر ليس إلى أفراد المسلمين ولا جماعات منهم القيام بها، ولا هي من مسؤوليتهم، ولا يناط بهم شيء من ذلك. 

والخطابات بهذه الأمور جاءت عامة و يراد بها خصوص ولاة الأمر، فهي من الخطاب العام الذي يراد به الخصوص

ومن أمثلة هذا النوع من الخطابات التي ذكرها الشافعي -رحمه الله- قوله -جل وعلا-: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ}. (آل عمران:173)؛ 

فهذه الآية جاءت فيها ألفاظ عموم، والمراد بها الخصوص؛ 

فقوله: {قال لهم الناس} ليس المراد عموم الناس، إنما المراد بالناس: نعيم بن مسعود، في قول مجاهد وعكرمة. وقال محمد بن إسحاق وجماعة: أراد بالناس الركب من عبد القيس. 

وقوله: {إن الناس} ليس المراد كل الناس، إنما أراد أبا سفيان وأصحابه. 


والله الموفق.

سؤال وجواب ٥٦: هل يجوز دعاء الاستخارة قبل السلام أو بعده في الصلاة؟



سؤال: «هل يجوز دعاء الاستخارة قبل السلام أو بعده في الصلاة؟». 


الجواب: نعم فيما يظهر، وقال بمشروعيته قبل السلام ابن تيمية، وقال بمشروعيته بعد السلام الشوكاني -رحمهما الله-. والله الموفق.

كشكول ٢٥٤: الاجتماع عند أهل الميت من النياحة إذا صوحب بمحرم، أمّا مجرد الاجتماع فليس بمحرم وليس من النياحة.


سؤال: 
«في بلدنا اعتاد الناس عند موت الميت أن يتوافدوا على بيته من أجل العزاء، ومن العادات السيئة المرتبطة بهذا الأمر أنهم يمكثون فيه سواء كانوا من الأقارب أم من الجيران، من أهل البلد أم من القادمين من بعيد، وهذا كما هو متقرر في شريعة الله من النياحة، والسؤال هو: كيف يتعامل المستقيم على دين الله مع هذه المسألة؟: 

1- هل يستقبلهم ويقوم على إطعامهم كما هي العادة عندنا، علمًا أنه إن لم يفعل -وقد يكون أقرب رجل للميت- فعله من هو أقل قرابة منه كالأصهار مثلاً؛ فيعود عليه ذلك بالسُبة والإهانة. 

2- أم هل يطردهم مع ما يمكن أن يترتب على ذلك من مفاسد، كقطع الأرحام وربما خصومات عائلية. 

3- أم يفر ويترك غير المستقيمين من عائلته يتحمل مسؤولية استقبالهم وإطعامهم أمام الله، مع أنه قد يُطعن في عرضه بسبب هذا، خصوصًا إذا كان الميت والدًا أو أخًا ونحوه. الاجتماع عند أهل الميت مع تكلف أهل الميت صنع الطعام للناس هو النياحة أفتونا مأجورين -وبارك الله فيكم، وأجزل لكم المثوبة- آمين». 

الجواب: 

الاجتماع عند الميت من النياحة إذا صوحب بمحرم،

أمّا مجرد الاجتماع فليس بمحرم وليس من النياحة. 

عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ المَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا، فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ مِنْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ المَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الحُزْنِ». (أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة، باب التلبينة، حديث رقم: (5417)، ومسلم في كتاب السلام، باب التلبينة مجمة لفؤاد المريض، حديث رقم: (2216).)؛

فهذا الحديث يفيد اجتماع النساء عند بيت الميت، وتفرقهن، واجتماع الأقارب بعد ذهاب الأجانب، وصنع التلبينة لهن. وهو يدل على أن الاجتماع في بيت الميت للعزاء لا حرج فيه.

وإنما النياحة أن يجتمعوا ويكلفونهم صنع طعام. 

عن جَرير ابن عبد الله البَجَلي، قال: «كنَّا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعةَ الطعام بعد دَفْنه من النِّيَاحة». 

فلو صنع الطعام غير أهل الميت بدون فخر ولا تعديد شرع، لحديث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ حِينَ قُتِلَ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ أمْرٌ يَشْغَلُهُمْ -أَوْ- أتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ». (أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه، وهو حديث حسن). 

وعليه؛ فإن حضر أقارب الميت العزاء، ونزلوا عند أهل الميت، فإن اجتماعهم لا حرج فيه، وضيافتهم لا بأس بها، وليست من النياحة. 

فإن صنع الطعام لأهل الميت جيرانهم ونحوهم، ودخل في ذلك من هو نازل عندهم ليس ذلك من النياحة، والله أعلم.

إنما النياحة أن يجتمع الناس عند أهل الميت، ويتكلف أهل الميت صنع الولائم وإطعام الناس، فهذا شغل زائد على شغلهم وهو من البدع.

المقصود: 

- أن مجرد الاجتماع عند أهل الميت للعزاء ليس من النياحة

- أن نزول الأقارب عند أهل الميت إذا كانوا مسافرين لا حرج فيه. 

- وأن ضيافة الأقارب لا حرج فيها. 

- وأن المشروع أن يصنع الأقارب أو الجيران أو المعارف الطعام لأهل الميت. 

- أن صنع الولائم؛ لإطعام الناس الذين يحضرون العزاء من النياحة


وعليه فلا يشرع طرد الأٌقارب، بل لا مانع من ضيافتهم إذا جاؤوا من سفر، والبدعة ليست في مجرد الاجتماع إنما في الاجتماع مع صنع الطعام. والله أعلم.